وزير العمل اللبناني لـ الشرق: نعول على مساعي قطر لإنقاذ لبنان
الشرق -
عربي ودولي

0

07 يونيو 2024 , 07:00ص

بيروت - حسين عبدالكريم

أشاد وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم بالعلاقات القطرية اللبنانية، معرباً عن تقديره للجهود التي تبذلها قطر لإخراج لبنان من أزمة الفراغ الرئاسي. وأشار إلى أن قطر تلعب دوراً مهماً في الإقليم يحجز لها مكاناً متقدماً على الساحة الإقليمية والدولية، خصوصاً وان دورها حقق نجاحات حازت تقدير المجتمع الدولي.

وقال في حوار لـ الشرق: نعول على الدور القطري خصوصا وأن قطر وقفت إلى جانب لبنان في كل المراحل وفي كل الظروف، وكانت السباقة في مد يد العون والمساعدة. ونحن على ثقة بأن قطر لن تتخلى عن لبنان وستبقى إلى جانبه مهما بلغت التحديات. ولذلك تستحق كل معاني الشكر والتقدير من لبنان واللبنانيين. وتطرق في حواره إلى التعاون بين وزارتي العمل اللبنانية والقطرية، مشيرا إلى التجربة الناجحة خلال المونديال. وقال نحن نتطلع إلى مزيد من التعاون وتفعيل الاتفاقية المشتركة بخصوص التعاون في سوق العمل، متوجها بالشكر باسم الجالية اللبنانية إلى حكومة قطر التي شملت اللبنانيين بالرعاية والاهتمام. وفيما يلي نص الحوار:

-  كيف تنظر إلى الدور القطري لملء الفراغ الرئاسي ؟

  قطر منذ اللحظة الأولى أخذت على عاتقها أن تلعب دور الوسيط في لبنان لتقريب وجهات النظر والخروج من المأزق. نحن في لبنان مشكلتنا أن فريقا من اللبنانيين يرفض الحوار، على الرغم من توجيه دولة الرئيس نبيه بري الدعوة للحوار مرارا وتكرارا. والغريب أن رفض الحوار لم يحقق أي شيء سوى شلل البلد بينما الحوار يحقق النتائج المرجوة. وطالما أن الحوار ليس مشروطا فما هي الخسارة بالحوار. وأنا أشرت في كلمتي في الدوحة إلى أننا نريد ثقافة التواصل ومد جسور التواصل ونرفض جدار الفصل.

بالعودة إلى الدور القطري فإن قطر مشكورة على دورها ونشكر لدولة قطر هذا الجهد الكبير والمساعي الجادة لمساعدة لبنان للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي ونقدر دورها ونثمنه عالياً.

- ما أبعاد زيارتكم إلى الدوحة ومشاركتكم في حوار العمالة ؟

  هذه الزيارة تمت بدعوة من دولة قطر الشقيقة، وقد بدأ التمهيد لهذه الزيارة منذ حوالي سنتين خلال انعقاد مؤتمر العمل العربي في القاهرة، والتقيت بسعادة وزير العمل القطري علي بن صميخ المري، حيث جرى البحث في موضوع تأمين عمالة لبنانية ماهرة للعمل في المونديال، خصوصا وان اللبنانيين لديهم كل الإبداعات المادية والفكرية والبشرية، ونستطيع أن نساهم بإنجاح حدث كبير بحجم مونديال قطر 2022. وبعد ثلاثة أيام زارنا في بيروت وفد من وزارة العمل القطرية وكنت مهدت لذلك بإطلاق منصة خاصة للمونديال وبالفعل تم اختيار ألف لبناني عبر المنصة للعمل في قطر بفضل ذلك تكرست أفضل العلاقات.

وخلال اجتماع مؤتمر العمل العربي في بغداد قبل حوالي الشهر التقيت بالوزير المري ثم تلقيت دعوة للحضور كضيف شرف إلى اجتماع الدوحة المعني بالعمالة الوافدة من الدول الأفريقية إلى الدول الخليجية. والاجتماع يهدف إلى إعلان حوار الدوحة بحيث يصبح هذا الحوار منصة لتنظيم العمالة ومنع الاتجار بالبشر وتنظيم الانتقال الآمن للعامل، لأن العامل متى شعر بالأمان يستطيع أن يبدع في العمل والإنتاج، وبذلك نواجه النزوح ومشاكل العمالة.

إن حوار الدوحة يشكل فرصة مهمة جدا لمنع الاتجار بالبشر وتنظيم العمالة والوصول إلى مصالح الجميع على قاعدة حتى يكون الجميع رابحاً.

     حوار الدوحة

- كيف تنظر إلى دور قطر وجهودها في الوساطات على مستوى المنطقة ؟

  قطر تلعب دوراً مهماً يحجز لها مكاناً متقدماً على الساحة الإقليمية والدولية خصوصا وان دورها حقق نجاحات حازت تقدير وإشادات المجتمع الدولي. ولعل ما يميز دور قطر أنها تسعى لمد جسور الحوار والتفاهم والتواصل وتتلافى الدخول في الصراعات والانقسامات على مستوى الدول العربية والإسلامية وتحرص على القيام بدور الوسيط النزيه.

- كيف تنظر إلى أزمة الوجود السوري في لبنان وهل يفاقم أزمة العمالة ؟

  لبنان استضاف منذ 75 سنة الاخوة الفلسطينيين الذين تهجروا قصرا من فلسطين المحتلة وهم لا يتجاوز عددهم النصف مليون ويسكنون في مخيمات تفتقر لكثير من الخدمات. وكان البعض يتذمر من هذا الوجود فكيف الآن وقد اغرق لبنان بالنزوح السوري العشوائي والذي بلغ ثلث سكان لبنان أي ما يفوق المليونين. وهنا يجب أن نميز بين احتياجنا لنوع معين من العمالة السورية والتي هي عمالة موجودة تاريخيا في لبنان مثل عمالة الزراعة والبناء، وبين النزوح السوري الذي يفوق قدرة لبنان على الاستيعاب والتحمل، خصوصا وان لبنان ليس في ظروف طبيعية فهو يعاني أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وبنى تحتية وعدم انتظام في المؤسسات الدستورية، فضلا عن انهيار القطاع المصرفي. ولا أظن انه توجد دولة في العالم يشكل النازحون فيها ثلث السكان. وبالتالي فنحن نطالب بعودة الاخوة الفلسطينيين الى فلسطين المحتلة لأننا نحن وهم نرفض التوطين كما نطالب بعودة الاخوة السوريين الى سوريا خصوصا وانه توجد في سوريا مناطق آمنة كثيرة ويمكنهم العودة إليها. وهنا نحن نطالب المنظمات الدولية بأن يدفعوا للنازحين لكي يعودوا إلى بلدهم ويساهموا في إعمار بلدهم.

-  ما حجم المسؤولية التي تقع على وزارة العمل في حل هذا الملف ؟

  هذا الملف أكبر من حجم الوزارة، لا تستطيع وزارة العمل أن تحل مشكلة النزوح السوري نحن نتدخل في معالجة النتائج ولا نتدخل في معالجة الأسباب، الذي يجب أن يحصل هو معالجة الأسباب.

-  هناك من يدعو إلى تصنيف أنواع النازحين حتى يسهل الحل ؟

  يمكن تصنيف أنواع النازحين وتحديد العمالة وتنظيم إجازات العمل بشكل صحيح ومناسب يعطيهم كامل الحقوق مع امتلاك سلطة الزجر للمخالفين. وبالتالي من يلتزم بالقوانين فهو مرحب به ومن يخالف القوانين يرحل إلى بلده وهذه ما هو متعارف عليه في كل الدول، غير أننا في لبنان نتعرض لضغوطات مخالفة لكل الأعراف، حيث الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يضغطان بشكل كبير جدا ومنظمات المجتمع المدني او ما يسمى «ان جي او» وهي جمعيات مشبوهة بتمويلها وأهدافها ترسل رسائل إلى السوريين في سوريا وتغريهم للمجيء إلى لبنان حيث تدفع لهم بالدولار من اجل تحقيق مشاريع مشبوهة وهذا أمر مؤسف.

-  لكن هناك دراسات تؤكد حاجة لبنان إلى ما لا يقل عن 400 ألف عامل سوري فهل لديكم داتا معلومات بهذا الشأن ؟

  حاليا لا توجد داتا عن الوجود السوري لأنهم لا يسكنون في مكان واحد وهم منتشرون على جميع الأراضي اللبنانية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال. وهذا الأمر أدى لإرباك السلطات اللبنانية حيث الداتا موجودة لدى الجهات التي تدفع رواتب شهرية للنازحين وهي الاتحاد الأوروبي والجمعيات. ولا شك أننا بحاجة إلى عشرات الآلاف من العمالة السورية في قطاعي الزراعة والبناء. لقد سبق لي وانتقدت قانون قيصر الذي يلحق الضرر بالشعب السوري والشعب اللبناني. وبدلا من أن أحول المحنة إلى منحة باعتبار أنني بلد نزوح وبينهم مستثمرون يودعون إيداعات في المصارف وهذا يساهم بإنتاج حركة اقتصادية في لبنان بينما قانون قيصر يمنعهم من الإيداع في المصارف اللبنانية ولا يسمح لهم بعملية استثمار جيدة تنشط الاقتصاد اللبناني. وهكذا حال قانون قيصر من تحويل أزمة السوري إلى فرصة وجعلها أزمة مضاعفة ومتفاقمة. مع التأكيد أننا نرفض مقاربة هذا الملف سوى في إطار الصداقة والاخوة بين الشعبين اللبناني والسوري.

- بعيداً عن أزمة النزوح ما زال سوق العمل في لبنان يعاني من أزمات مزمنة ومتجددة ؟

  أزمة سوق العمل اللبناني أنه يعاني من البطالة والعطالة والفرق بين الاثنين ان البطالة عدم العثور على فرصة عمل أما العطالة فهي عدم الرغبة في العمل. مشكلة العطالة نشأت من الاقتصاد الريعي. وهذا النوع من الاقتصاد ضرب كل قطاعات الإنتاج في لبنان وأبرزها القطاع الزراعي والقطاعي الصناعي. جعل هناك استثمارا مخالفا لبديهيات الاستثمار الاقتصادي واصبح الاستثمار منحصرا في أموال يتم وضعها في البنوك وتقاضي فوائد عالية أعلى من النسب العالمية مما شجع كل من يملك مالا بدلا من أن يستثمر بتأسيس مصانع وشركات وتوظيف اليد العاملة اصبح يضع أمواله في المصارف ويأخذ فوائد عالية وهو لا يفعل شيئا مما سبب العطالة. هذا الاقتصاد الريعي اثبت فشله وبالتالي يجب العودة إلى الاقتصاد المنتج وتفعيل الزراعة والصناعة.

إن ما قامت به وزارة العمل الترويج لثقافة العمل المنتج مع مسار للتدريب المهني المعجل على قاعدة الاستعداد للفرصة لأنه كلما كنت مستعدا ستجد الفرصة المطلوبة والاستعداد غالبا ما يكون بتعزيز المهارات وعبر تحليل الاحتياجات. وقمنا بإبرام شراكات مع جامعات ومؤسسات وجمعيات للتدريب على اكتساب المهارات المطلوبة لتلبية احتياجات سوق العمل. وأنا حريص على تنمية المهارات في جميع الأراضي اللبنانية.

- هل توجد بيانات إحصائية عن نسب البطالة في لبنان؟

 حسب البيانات المتوافرة وغير النهائية فإن نسبة البطالة في لبنان تتراوح ما بين 25 إلى 35 % وهذا رقم مزعج ومؤلم سببه المنافسة الكبيرة للنزوح السوري، لأن السوري ينافس بسهولة فهو لا يدفع ضرائب كما يدفع اللبناني ويقبض مساعدات شهرية بالدولار من الجمعيات الدولية مما يمكنه من منافسة اللبناني الرازح تحت عبء الانهيار الاقتصادي.

-  هل يمكن تخفيف أزمة سوق العمل من خلال مشاريع مشتركة مع دول شقيقة وصديقة ؟

  أتوجه إلى الدول الشقيقة وأناشدهم الوقوف معنا، فالشقيق يقف مع شقيقه وقت الشدة، فلنفصل السياسة عن العمل والتنمية وإذا كانت السياسة تفرق فإن العمل من اجل الإنسان العربي يصبح قاسما مشتركا. واخص بالدعوة دول الخليج فلنفصل السياسة عن مصالح شعوبنا. لبنان جزء من الأسرة العربية ولبنان لطالما دافع عن القضايا العربية. وأنا طرحت في مؤتمرات العربي وناديت بأن نلتقي على استراتيجية واحدة في العمل والمصالح المشتركة. لا توجد جدران تفصل بيننا. لبنان جزء من الدول العربية. لبنان يستحق الاهتمام والدعم العربي. لبنان لن يتخلى عن العربي لا بل ندعو إلى سوق عربية مشتركة والى تنظيم العمالة بيننا وندعو إلى دورات تدريبية لتأهيل العمالة وصقل المهارات. نحن نمتلك بعدا حضاريا لا يمتلكه أحد سوانا.

    الدور القطري

نحن هنا نعول على الدور القطري. قطر وقفت إلى جانب لبنان في كل المراحل وفي كل الظروف وكانت السباقة في مد يد العون والمساعدة. ونحن نتطلع الى مزيد من التعاون مع الأشقاء في قطر. وسبق أن انتزعنا قبل شهر خلال مؤتمر العمل العربي في بغداد قرارا بالإجماع من منظمة العمل العربي بإعطاء هبة تشغيلية لمساعدة أصحاب العمل والعمال الذين تضررت مصالحهم في الجنوب اللبناني جراء الاعتداءات الإسرائيلية. وهذا إنجاز مهم جدا على الصعيد المعنوي وننتظر الشق المالي الذي يساعدنا كثيرا في هذا المجال.

-  ماذا بخصوص اتفاقية العمل المشتركة بين لبنان وقطر ؟

  هذه الاتفاقية موجودة قبل حكومتنا الحالية لكن لم يجر تصديقها بعد. اليوم نسعى لتفعيلها وجرى نقاش بهذا الخصوص مع سعادة وزير العمل القطري. نعول على إحياء الاتفاقية وتفعيلها. ويمكننا الاستفادة من تجربة التعاون الناجح خلال المونديال. وأتوجه إلى الاخوة القطريين أن ينظروا إلى العمالة اللبنانية بالاهتمام الكبير خصوصا وان اللبناني على درجة عالية من الكفاءة والمهارة التي تميزه عن غيره في سوق العمل. وأنا اعتقد أن الأشقاء في قطر سباقون في المبادرات وهم أهل الضيافة والكرم. وانا أتوجه بالشكر باسم الجالية اللبنانية إلى حكومة قطر التي شملت اللبنانيين بالرعاية والاهتمام.

-  ما مصير ودائع الناس في المصارف اللبنانية ؟

  هذا الملف أخذ طابعا شعبويا، حيث يتجنب الجميع الحديث عن القرارات المؤلمة التي لابد من اتخاذها. ما يحتاحه الأمر هو التالي أن الحكومة يجب أن تمضي في هذا الأمر والمجلس النيابي يجب ان يسن التشريعات اللازمة. المتضرر الوحيد هو الشعب اللبناني بينما المصارف لم تتحمل مسؤولياتها. وكثير من الدول ساهمت بخداع اللبنانيين حيث كانت تمنح حاكم مصرف كل سنة جوائز تقديرية بعد الأزمة رفعت يدها. وحتى الآن لم يتبلور طرح نهائي للخروج من أزمة الودائع.

اقرأ المزيد

مساحة إعلانية



إقرأ المزيد